على الرغم من عدم وجود تعريف شامل يفيد بوصف دقيق لحالة «الحمل عالي المخاطر» «high - risk pregnancy»، فإن المتعارف عليه طبيا أنها حالات يكون فيها لدى الأم الحامل أو لدى الجنين في الرحم احتمالات لحصول مضاعفات صحية أكثر مما هو معتاد وطبيعي، وذلك سواء خلال مرحلة الحمل (antepartum) أو أثناء عملية مخاض الولادة (intrapartum) أو ما بعد الولادة (postpartum). وعليه فإن هناك ظروفا صحية معينة تسمى «عوامل خطورة»، منها ما يتعلق بالأم ومنها ما يتعلق بالجنين.
* عوامل خطر
* ويمكن تصنيف عوامل الخطورة المتعلقة بالأم إلى ثلاثة أقسام، عوامل متعلقة بالحمل، وعوامل متعلقة بحملها السابق، وعوامل متعلقة بصحتها هي أصلا. والعوامل المتعلقة بالحمل يقصد بها تلك التي تؤثر على عملية حمل المرأة ومتطلبات الحمل، وهذه العوامل مهمة لأن تبعاتها تنطوي على ارتفاع احتمالات حصول مضاعفات أو مشكلات صحية خلال الحمل أو المخاض أو ما بعده. ومن أمثلتها:
* سن الأم أقل من 15 سنة أو أعلى من 35 سنة.
* وزن الأم قبل الحمل أقل من 45 كيلوغراما، أو أن لدى الأم سمنة بالتعريف الطبي.
* طول المرأة أقل من 150 سنتيمترا.
* اختلال كفاءة عنق الرحم.
* تشوهات خلقية في الرحم.
* صغر حجم حوض المرأة.
* تدخين الأم.
* تناول المرأة للكحول أو تعاطيها للمخدرات.
* عدم وجود فرص للمتابعة في عيادات متابعة الحمل.
* تدني المستوى المادي والوضع الاجتماعي.
* تدني مستوى التغذية.
* مضاعفات الحمل
* وهناك عوامل أخرى تتعلق بتاريخ الحمل السابق للمرأة والأحداث الصحية المتعلقة بمضاعفات الحمل والولادة التي شهدها حمل سابق، ومن متابعتها يمكن معرفة ما إذا كانت ثمة احتمالات لتكرار حصولها في الحمل الحالي وفق استشارة الطبيب، ذلك أن بعض من مضاعفات الحمل يمكن أن تتكرر وبعضها ليس كذلك.
ومن أمثلتها التي قد تتكرر بنسب متفاوتة:
* حصول إسقاط للحمل أو إجهاض سابقا.
* حصول وفاة للجنين سابقا.
* حصول ولادة طفل في مرحلة مبكرة من عمر الحمل.
* حصول ولادة سابقة تجاوز الحمل فيها 42 أسبوعا.
* احتياج مولود سابق لنقل دم لمعالجة أحد أمراض الدم التي تتكسر فيها خلايا الدم الحمراء.
* حصول الإجهاض المتكرر.
* حصول ولادة طفل سابق بوزن يفوق 4,5 كيلوغرام.
* حصول «تسمم حمل» (eclampsia) في حمل سابق.
* حصول حمل عدد ستة أو أكثر سابقا.
* حصول ولادة جنين بتشوهات خلقية.
* المستوى الصحي
* كما أن مستوى الصحة العامة للأم، وما إذا كانت لديها أمراض معينة بشكل مزمن، أو ما يسمى بـ«التاريخ الطبي»، هو من الأمور التي قد تؤثر على مستوى حالة الحمل الحالي لها. ومن أمثلة تلك الحالات التي قد تكون لدى الأم الحامل حتى من قبل بدء الحمل:
* الإصابة بارتفاع الضغط المزمن.
* الإصابة بمرض السكري المتطلب المعالجة بالإنسولين.
* الإصابة بدرجة متوسطة أو شديدة بأحد أمراض تضيق صمامات القلب، كالصمام الأورطي أو الميترالي أو الرئوي.
* ضعف متوسط أو شديد في قوة عضلة القلب ومصاحبته بأعراض مرهقة.
* ضعف متوسط أو شديد في قوة عمل الكلى.
* ضعف متوسط أو شديد في عمل الكبد أو التهابات فيروسية نشطة في الكبد.
* الإصابة بمرض فقر الدم المنجلي.
* الإصابة بفقر الدم.
* الإصابة بسوء التغذية.
* الإصابة بأمراض الرئة المزمنة.
* ارتفاع ضغط الدم الرئوي.
* اضطرابات الغدد الصماء غير المعالجة بشكل جيد، وخصوصا الغدة الدرقية.
* مرض الصرع غير المعالج بطريقة جيدة.
* أمراض اضطرابات المناعة الذاتية مثل الثعلبة الحمراء أو غيرها.
* وجود إصابة بدرن السل غير معالجة بشكل جيد.
أما بالنسبة للحمل الحالي، فهناك حالات تجعل من وضع الحمل «عالي الخطورة»، ومن أمثلة تلك الحالات المرافقة للحمل:
* وضع الجنين داخل الرحم غير طبيعي.
* تسمم الحمل بدرجة متوسطة أو شديدة من خلال ارتفاع ضغط الدم وتدهور عمل المشيمة والكلى.
* الحمل بأكثر من جنين واحد.
* انفكاك التصاق المشيمة بجدار الرحم.
* التصاق المشيمة بمنطقة قريبة من عنق الرحم، أو ما يسمى «المشيمة المزاحة».
* تدني كمية السائل الأميوني المحيط بالجنين، أو ما يسمى «موه السلى».
* حصول مرض «سكري الحمل».
* التهابات الكلى بالميكروبات.
* التهابات المثانة بالميكروبات.
* وجود اضطرابات في فصيلة الدم المرتبطة بـ«RH».
* فقر الدم المتوسط أو الشديد.
* الاضطرابات العاطفية والمشكلات الأسرية.
* تناول الكحول.
* التدخين.
* النزيف المهبلي.
* حصول تهديد لاستقرار الجنين في الرحم.
* الإصابة ببعض أنواع الالتهابات الميكروبية مثل الحصبة الألمانية.
* تناول الحامل لأدوية تضر بالجنين أو الحمل، وهو ما يقرره الطبيب.
* تشخيص دقيق
* إن تشخيص إصابة امرأة حامل بأن لديها «حملا عالي الخطورة» يتطلب أن يكون ثمة أحد العوامل التي مر ذكرها سواء لديها في حملها الحالي أو حمل سابق أو في صحتها العامة أو لدى حمل الجنين الحالي. ولذا قد يتقرر التشخيص الطبي قبل حملها بالمعرفة السابقة لحالتها الصحية، أو خلال مراجعة حالتها الصحية عند زيارتها للطبيب المتابع للحمل، أو خلال مراجعة نتائج الفحوصات التي تجرى لها في بدايات الحمل، أو عند مراجعة نتائج تصوير الأشعة ما فوق الصوتية التي عادة تجرى في الفترة ما بين الأسبوع الـ16 والأسبوع الـ19 من عمر الحمل.
والمرأة الحامل التي يشخص حملها بأنه عالي الخطورة تتم متابعتها لمراقبة صحتها وصحة الحمل وصحة جنينها بطريقة تفوق تلك التي من المعتاد تقديمها لعموم الحوامل، أي بشكل أكثر دقة. وهذه المتابعة تعني أن عليها اتباع إرشادات الطبيب المتابع لحالة الحمل في تكرار مراجعة عيادة الحوامل وإجراء الفحوصات التي يطلبها الطبيب دون إهمال، مثل فحوصات تحاليل الدم أو البول أو قياس الضغط أو نسبة سكر الدم أو تصوير بالموجات فوق الصوتية للرحم أو حتى أخذ عينة من السائل المحيط بالجنين (amniocentesis) وإجراء فحوصات مراقبة حالة الجنين (fetal monitoring) وسلامة نمو وتطور أعضائه وأجهزة جسمه، وتقرير الوقت المناسب لتوليده حتى في وقت أبكر من المعتاد. والطبيب المتخصص للمتابعة هو طبيب نساء وتوليد متخصص في معالجة حالات الحمل الخطرة.
والأهداف الرئيسة في هذه الحالات تعني العمل على ضمان سلامة حياة الأم وعدم تدهور حالتها الصحية، ثم سلامة الحمل وتسهيل عملية تمكينها من ولادة الجنين، ثم الحفاظ على سلامة الجنين. وعليه تكون سلامة الجنين في المرتبة الثالثة في الأهمية بالمقارنة مع سلامة الأم خلال الحمل.
وتكون المعالجة حسب نوع الحالة المرضية لدى الأم، أي أنه إذا رصدت اضطرابات في السكر أو ضغط الدم، أو ضعف في عمل أحد أجهزة جسمها كالكلى أو الكبد أو القلب، أو عوامل خطورة أخرى، فإن المعالجة تتجه للتخفيف من تأثير الحالة المرضية لدى الأم على صحتها وعلى الحمل وعلى الجنين. وإذا كانت الخطورة سببها أحداث ومضاعفات حصلت في حمل سابق، فإن المتابعة والمعالجة تتجه نحو المراقبة المبكرة لرصد احتمال تكرار ظهورها والعمل على تخفيف تأثيراتها أو حتى منع حصولها.